تحديات جديدة لأصحاب المحلات بمصر.. هل يؤثر الإغلاق في العاشرة مساءً على النشاط التجاري؟
تحديات جديدة لأصحاب المحلات بمصر.. هل يؤثر الإغلاق في العاشرة مساءً على النشاط التجاري؟
بين الاحتياجات اليومية وإدارة الأزمات.. نظرة عميقة على قرار ساعات الإغلاق في مصر
استراتيجيات للحفاظ على الاستدامة.. كيف يؤثر قرار ساعات الإغلاق على الحياة التجارية في مصر؟
خبيرة حقوقية: على الحكومة أن تتبنى سياسات داعمة وتوفر حلولاً تعويضية لأصحاب المحلات المتضررين وحماية حقوق العمال
خبير اقتصادي: الترشيد ضرورة ملحة ويجب توفير حلول تمويلية وتحفيزية وتحسين البنية التحتية للطاقة
في قرارٍ يتردد صداه عبر أزقة القاهرة النابضة بالحياة، انطلق صوت الحكومة بين أزمات الواقع وآمال المستقبل.. قرار رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، بإعادة جدولة ساعات إغلاق المحلات التجارية، ألقى بظلاله على ساحة الاقتصاد وحركة الحياة في البلاد.
فقد صدر القرار في ظل أزمةٍ حادة تعصف بالإمدادات الكهربائية، حيث تصاعدت أعباء الاستهلاك مع ارتفاع درجات الحرارة الصيفية، مما جعل إدارة الطاقة تتحدى الحدود.
الأرقام والبيانات تكشف عن ارتفاع الطلب على الكهرباء بشكلٍ ملحوظ، متجاوزًا القدرة الإنتاجية للشبكة، ما أدى إلى حالاتٍ متكررة من الانقطاعات والتقنين.
ولكن، أكثر من يتأثر بالقرار هم أصحاب المحلات التجارية، الذين يجدون في ساعات العمل الإضافية فرصتهم الأساسية لتحقيق الرزق وتلبية احتياجات أسرهم، ويعيشون الآن توترًا إضافيًا بسبب انقطاع الساعة الواحدة من وقت العمل، ما يؤدي إلى تقليص الإيرادات وزيادة الضغوطات المالية.
في مدينة القاهرة الصاخبة، التي تستحضر الحياة حتى في ساعات متأخرة من الليل، يعكس القرار انقطاعًا عن هذه الحركة المستمرة، فالشوارع الحية والأسواق المزدحمة تعبر عن نمط الحياة المدني المزدهر، ولكن مع تحديات الطاقة، تضطر البلاد إلى البحث عن توازنٍ جديدٍ بين الحياة الاقتصادية والتحديات البيئية والطاقوية، لذا، يبقى القرار خطوةً ضروريةً في سبيل استدامة الموارد وتحفيز الكفاءة الطاقوية، مع مراعاة لاحتياجات الحياة اليومية للمواطنين.
يأمل الجميع أن يكون هذا القرار بدايةً للتفكير في استراتيجيات جديدة تحقق التوازن بين الحياة الاقتصادية المزدهرة وضرورات الحفاظ على الموارد الطبيعية، بما يضمن استدامة النمو والتنمية في مصر.

أزمة وردود فعل متباينة
قرار حكومة مصر بغلق المحلات التجارية في تمام العاشرة مساءً أثار جدلاً واسعًا في أوساط المواطنين والمتعاملين في القطاع التجاري، حيث تباينت الآراء بين من رحّبوا به كخطوة لترشيد استهلاك الكهرباء في ظل الأزمة الحالية، وبين من اعتبروه سبباً في تقليص الإيرادات التجارية، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتراجع النشاط الشرائي خلال فترات النهار.
من الجانب الإيجابي، يرون المؤيدون للقرار أنه يأتي كجزء من استراتيجية للتعامل مع أزمة نقص الطاقة التي تعصف بالبلاد، حيث يشير التقرير الرسمي إلى ارتفاع كبير في الطلب على الكهرباء، ما تسبب في حالات متكررة من التقنين والانقطاعات.
ووفقًا لرئيس الوزراء، فإن استهلاك الكهرباء سجل أعلى مستوياته بـ36 جيجاوات، نتيجة للأجواء الحارة
من ناحية أخرى، عبر المعارضون عن مخاوفهم من تداعيات اقتصادية سلبية للقرار، مشيرين إلى أنه قد يزيد من ضغوط المصاريف على أصحاب المحلات التجارية، خاصة مع زيادة تكاليف التشغيل وتقليص ساعات العمل.
كما تحدث نائب برلماني عن تقديم طلب إحاطة ضد القرار، معبرًا عن اعتراضه على ما اعتبره تجاوزًا لحقوق القطاع التجاري.
لمواجهة هذه الأزمة، تعمل الحكومة على استيراد الغاز والمازوت بتكلفة تصل إلى 1.18 مليار دولار، وتطبيق خطة لتحفيف الأحمال بقطع الكهرباء لأكثر من ساعة يوميًا.
ودعت الحكومة المواطنين إلى المشاركة الفعالة في ترشيد استهلاك الطاقة داخل المنازل والمنشآت، بهدف الحد من استيراد المنتجات البترولية وتقليل الاعتماد عليها.
ردًا على هذا الجدل، أكد رئيس غرفة القاهرة التجارية، أيمن عشري، في تصريحات إعلامية، أن قرار غلق المحلات في العاشرة مساءً لن يؤثر على النشاط التجاري بشكل كبير، مشيرًا إلى أن العديد من الدول الأخرى تطبق مواعيد مماثلة دون أن يكون لذلك تأثير سلبي على النشاط الاقتصادي.
لذا، يبقى السؤال حاضرًا حول مدى فاعلية هذا القرار في إدارة أزمة الطاقة الحالية دون أن يؤثر سلبًا على حركة الاقتصاد الوطني، وهل سيتمكن الاقتصاد المصري من تجاوز هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة في ظل تحديات متزايدة تواجهها؟

رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي
قرار يثير القلق
قالت خبيرة حقوق الإنسان المصرية، عزة سليمان، إن القرار يثير قلقًا كبيرًا بين أصحاب المحلات والقطاع التجاري بشكل عام، هذا القرار يأتي في ظل أزمة كبيرة تواجهها البلاد في مجال الطاقة، حيث تعاني مصر من نقص مستمر في الكهرباء بسبب ارتفاع استهلاكها وتقلص إمدادات الوقود الضرورية لتشغيل محطات الكهرباء لأصحاب المحلات، سيكون لهذا القرار تأثير مباشر على أنشطتهم التجارية وإيراداتهم بالغلق في العاشرة مساءً، سيكون لديهم ساعة واحدة أقل للتسوق والبيع، مما قد يقلل من حركة المبيعات خاصة في الفترات المسائية التي تعتبر هامة لعدد كبير من الأعمال التجارية.
وتابعت سليمان، في تصريحات لـ"جسور بوست"، هذا قد يؤدي إلى تقليص الإيرادات اليومية وزيادة تكاليف التشغيل، خاصة لأولئك الذين يعتمدون على ساعات العمل الطويلة لتعويض التكاليف الثابتة، بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي القرار إلى تأثيرات اقتصادية سلبية أخرى مثل زيادة معدلات البطالة في القطاع التجاري إذا تسبب في إغلاق بعض المحلات بسبب عدم قدرتها على تحمل تكاليف العمل في ظل القيود الجديدة.
واستكملت، هذا سيكون له تأثير متراكم على الاقتصاد المحلي، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحساسة التي تمر بها مصر حاليًا. لضمان أن يكون القرار فعالًا في إدارة الأزمة الطاقوية دون تكبد أضرار اقتصادية كبيرة، يجب على الحكومة أن تتبنى سياسات داعمة وتوفر حلولًا تعويضية لأصحاب المحلات المتضررين، ويمكن أن تشمل هذه السياسات إجراءات تحفيزية مثل خفض الرسوم والضرائب على القطاع التجاري، وتقديم تسهيلات ائتمانية للمساعدة في تحمل تكاليف التشغيل الإضافية.
وأتمت، ينبغي للحكومة أن تستمع إلى مختلف أصحاب المصلحة وتضمن تطبيق القرار بطريقة توازن بين احتياجات الطاقة ودعم النشاط التجاري وحماية حقوق العمال والعمالة في هذا القطاع الحيوي.

عزة سليمان
قرار استراتيجي لحل الأزمة.. ولكن
بدوره، علق خبير الاقتصاد الدولي خالد الشافعي، قائلًا: القرار الذي اتخذته الحكومة المصرية بغلق المحلات التجارية في تمام العاشرة مساءً جزء من استراتيجية أوسع لإدارة أزمة الطاقة التي تعاني منها مصر حاليًا، هذا القرار يأتي في سياق تزايد استهلاك الكهرباء وتراجع إمدادات الوقود الضرورية لتوليد الطاقة الكهربائية، ما أدى إلى حاجة ملحة لتخفيف الأحمال والحفاظ على استدامة التزويد بالكهرباء للمواطنين والمنشآت.
وأضاف الشافعي، في تصريحات لـ"جسور بوست"، من الجانب الإيجابي، يمكن النظر إلى أن هذا القرار قد يساهم في ترشيد استهلاك الكهرباء خلال الفترات الذروية، ما يخفف من الضغط على الشبكة الكهربائية ويسهم في ضمان توفر الكهرباء بشكل مستدام، كما أنه يتماشى مع خطة أوسع للحكومة تتضمن استيراد الوقود بقيمة تتجاوز المليارات من الدولارات لتأمين احتياجات الكهرباء.
وأكد أن هذا القرار يثير بعض القلق من الناحية الاقتصادية، خاصة بالنسبة لأصحاب المحلات التجارية وقطاع التجزئة بشكل عام، إذ قد يؤدي تقليص ساعات العمل إلى تأثير سلبي على حركة المبيعات وإيرادات الأعمال، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة وتراجع النشاط الاقتصادي العام.
وتابع، كما أنه قد يؤدي إلى زيادة في تكاليف التشغيل للمنشآت التجارية التي تحتاج إلى مواكبة ساعات الغلق المحددة، ولضمان تجاوز هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، ينبغي للحكومة أن تتبنى سياسات داعمة تساهم في دعم قطاع التجارة وتخفيف التأثيرات السلبية عليه، مثل توفير حلول تمويلية وتحفيزية للمنشآت التجارية المتأثرة وتعزيز الاستثمار في تحسين الكفاءة الطاقوية وتحسين البنية التحتية للطاقة.

خالد الشافعي
وأتم، يجب أن تتمكن الحكومة المصرية من إدارة هذه الأزمة بشكل فعال ومتوازن، بما يحقق توازنًا بين استدامة التزويد بالكهرباء ودعم النشاط الاقتصادي، وهو ما يتطلب تنسيقاً وتعاوناً فعالاً بين جميع الأطراف المعنية لتحقيق النتائج المرجوة في أقرب وقت ممكن.